seeking freedom

"There is only one good definition of God: the freedom that allows other freedoms to exist." John Fowles

Friday, May 04, 2007

مكان اسمه دار الخدمات النقابية والعمالية


احتفلت بعيد العمال هذا العام بشكل مختلف تماما

في العادة وعلى مدى السنين الماضية لم يمثل عيد العمال في وعيي إلا إجازة أول مايو مع خطاب محتمل للرئيس مع فواصل بين فقرات التليفزيون مرسوم عليها تروس ومفاتيح شغل...وربما كذلك فرصة لمشاهدة فيلم الأيدي الناعمة
هذا العام جاء مختلفا على غير تخطيط مني لأني استمعت لرحمة رفعت مديرة دار الخدمات النقابية والعمالية عن نشاط الدار وتاريخها في مساندة مطالب العمال وتدريبهم على أساليب المطالبة بحقوقهم في جلسة نظمها المركز المصري الاجتماعي الديمقراطي
فوران الوسط العمالي مؤخرا وسلسلة الإضرابات المتحركة من مكان لآخر والمطالبة بحقوق وحياة أفضل كانت أسباب أساسية في رغبتي في حضور الجلسة. فمع متابعتي لما يحدث في وسائل الإعلام المختلفة رغبت في إطلالة أقرب على المشهد...وهذا ليس بسبب اعتقادي مثلا أن إضرابات العمال المتتالية تمثل رصيدا لأي حركة أو فصيل سياسي معين أو أنها تهدف لتغيير النظام ، بالعكس فالإضرابات الأخيرة فعل إنساني طبيعي وعادي جدا في ظل الظروف السيئة التي يعيشها العمال وأسرهم ... فعل إنساني طبيعي يسطع بوضوح وسط حالة السلبية والجمود والاستسلام والموت المسيطرة في دولة الخوف التي نعيش فيها...فعل يستحق أن تقدم أي مجهود للمساعدة حتى لا تعود حالة الموات مرة أخرى لبشر قرروا أن يتعاملوا مع آدميتهم بشكل يليق

دار الخدمات ليست المحرض أو الصانع لهذه الاحتجاجات أو الإضرابات العمالية، لكنها تدعم حق العمال الأصيل -ليس إنسانيا فقط ولكن بموجب الاتفاقيات الكثييييرة التي وقعت وتوقع عليها الدولة المصرية المبجلة كل يوم من باب ذر الرماد في العيون- في الإضراب عن العمل للمطالبة والمفاوضة على شروط حياة أفضل. ولأن دار الخدمات تمثل مكان حقيقي لتجمع العمال وإكسابهم خبرات ومهارات التعامل الحقوقي مع الدولة عن طريق برامج التدريب المختلفة كان يجب أن تغلق ويتم التعامل معها بشكل أمني فج
أنشئت دار الخدمات في مارس 1990 بعد إضراب عمال الحديد والصلب في 89 الذي أسفر عن تدخل الأمن بالرصاص الحي ومقتل عامل وإصابة خمسة عشر. وقتها ظهرت الحاجة لوجود كيان مدني يساعد العمال على فهم حقوقهم وتعلم آليات الحصول عليها خاصة مع غياب كيان نقابي حقيقي يعبر عن العمال
تبتسم رحمة رفعت وهي تحكي عن المفارقة التي يقوم عليها نشاط اتحاد العمال المصري الرسمي...فبحكم البيروقراطية يبدأ الخصم من راتب العامل بمجرد تعيينه لتسديد اشتراكه النقابي، وعندما ينظم أي مجموعة من العمال إضرابا عن العمل يسرع الاتحاد للتنديد وإدانة الإضراب بدعوى أن منظميه لا ينتمون للتنظيم النقابي
بدأت الدار بشقة صغيرة كتجربة جديدة لايعرف أصحابها شكلها النهائي، بدأت كمبادرة جديدة في وقت -منذ سبعة عشر عاما- لم يكن للمنظمات الاجتماعية و المدنية صوت مسموع، وركزت جهودها على العمال ولم تهتم كثيرا بمخاطبة الإعلام لأن الدعاية لم تكن الهدف. وبالتدريج حققت الدار نجاح ومصداقية وسط العمال وفتحت فروعا أخرى - المحلة وحلوان ونجع حمادي- واستمرت في تقديم الخدمات للعمال وأسرهم وتنظيم ورش عمل قبل انتخابات العمال لتدريب العمال الراغبين في الترشح على أساليب الدعاية ومخاطبة العمال وكل ما يلزم العملية الانتخابية
إلى هنا والأمر طبيعي يمشي بصورة عادية لا تخلو من بعض المنغصات هنا وهناك، ولكن الأمور تسير ...إلى أن جاءت الانتخابات العمالية الأخيرة تحمل في طياتها بذور أزمة ليس للدار علاقة بها
ففي أول العام الماضي أصدر أحمد نظيف قرار بمكافأة شهرين للعمال الذين يزيد مرتبهم عن مائة جنيه. ظهر القرار في صمت بدون تنفيذ بصورة مثيرة للدهشة: إذا لم تكن هناك نية أصلا في زيادة الأجور لماذا يتم إصدار قرار بذلك؟ وإذا أصدرتم القرار لماذا لم يتم تطبيقه؟؟ أسئلة منطقية جدا طبعا وتحتاج لإجابة كجميع الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالحياة في مصر والتي لا يجيب عنها، وقرار كجميع القرارات التي تؤدي لمعضلة الجري في المكان
المهم تسرب الخبر -كالعادة أيضا- ولأنه تزامن مع الانتخابات العمالية الأخيرة، بدأ أعضاء اللجان النقابية السابقة الذين يريدون النجاح في الانتخابات الجديدة الضغط بهذه الورقة ...ننجح ونجيب لكم العلاوة
تمت الانتخابات في جو ديمقراطي جدا طبعا تم فيه حجز الصناديق في حراسة أمناء الشرطة وجنود الأمن المركزي مع إجبار العمال بعدم الاقتراب لمسافة مائة وخمسين مترا من الصناديق التي تحوي أصواتهم أصلا، طبعا منتهى الديمقراطية. وبالفعل نجح الأعضاء الموالون للحكومة وخلصت الليلة
عندما جاء ميعاد صرف المكافأت فوجئ العمال أنها مائة جنيه فقط -كما كانت من قبل- بل وتصل إلى تسعة وثمانين جنيها بعد خصم الضرائب وما إلى ذلك. هنا تلفت رحمة نظرنا إلى حقيقة أن بمجرد الإعلان عن مثل هذه المكافآت يعتبرها العامل في جيبه فعلا ويعلق عليها آمال تسديد ما استدانه من أول السنة لتغطية مصاريف مدارس ومعيشة ...إلخ، وإلى سوء ظروف معيشة عمال الغزل و النسيج بالذات بالمقارنة بظروف باقي العمال
وبناء عليه رفض العمال استلام المكافآت وبدأ إضراب عمال المحلة لتحقيق مطالبهم ...وتوالت الإضرابات
في ظل تفاقم الأزمة وتكرر الإضرابات هنا وهناك وعزوف العمال عن تقديم قيادات للتفاوض خوفا من البطش بهم بعد انتهاء الأزمة، بدا واضحا جدا للحكومة أن اتحاد العمال الرسمي اتحاد شوربة لا يفيدهم في شيء. ومع رفض العمال التفاوض مع لجانهم النقابية التي نجحت في الانتخابات الأخيرة بدأ أعضاء الحكومة نفسها - تحديدا وزير الاستثمار - في التنديد بالتلاعب في الانتخابات
طبعا شكل الاتحاد الرسمي أصبح سيئا جدا أمام الأسياد وبات من المهم والملح والضروري البحث عن "محرض" للعمال و"مسبب" للإضرابات - وكأن كل ممارسات الحكومات ورفع الأسعار ليس بسبب يذكر لاندلاع الغضب - مع الأخذ في الاعتبار أنه غضب واعي ومنظم لم يسعى لأي عمل تخريبي ويستحق الاحترام
كان من المهم العثور على كبش فداء
ولكن الأمر ليس بهذه البساطة...فدار الخدمات العمالية تشارك في فعاليات ومؤتمرات العمال العالمية ولها تاريخ مشرف في الدفاع عن حقوق العمال في مواجهة سمعة الاتحاد الرسمي السيئة للغاية في المحافل العمالية الدولية
ذلك لأن دور الاتحاد ببساطة هو إرسال بيانات وخطابات تأييد للحكومة لهذه المؤتمرات وهو ما يجده الأجانب مدعاة للدهشة والعجب، فكيف يتحدث كيان عمالي باسم الحكومة بدلا عن تبني مصالح العمال؟؟ بالطبع لا يعلم الأجانب حالة الرفاهية الشديدة التي يعيش فيها العامل المصري
جدير بالذكر كذلك أن الدار من المنظمات المشاركة في ائتلاف المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات، وبالتالي قامت بمراقبة ورصد مخالفات الاستفتاء الأخير على الدستور خاصة في محافظة قنا
بالتالي تم تحديد "العدو" بسهولة - فكل من يحاول القيام بدور في مصر هو عدو بالضرورة- وتم توجيه الضربات
غلق فروع الدار بنجع حمادي وحلوان والمحلة، مع وجود ثمان عربات أمن مركزي أمام مقرالدار في المحلة - تتعجب رحمة من إمكانية إدخال مثل هذا العدد في منطقة شعبية بشوارع ضيقة وسط مساكن العمال- بغرض إرهاب قاطني المنطقة من العمال
ويتم الضغط على الدار لتوفيق أوضاعها مع وزارة التضامن الاجتماعي - وهو ما سعت إليه الدار أساسا من ثلاث سنوات ولكن تعمد المسئولين تجاهل الطلب وتأخيره - وبالفعل يقوم القائمون على الدار بالمفاوضات اللازمة في ظل ظروف سيئة ومترهلة جدا لا تعرف فيها من المسئول عن قرارات إغلاق فروع الدار المختلفة ، فمجلس مدينة نجع حمادي يفعلها تارة، وحين تقدم الدار اعتراض لأن ذلك ليس من اختصاص المجلس المحلي، يتم غلق فرع المحلة الكبرى بقرار من محافظ الغربية لتلافي الخطأ الإداري. ثم ينفي وزير التضامن علمه بالأمر بغلق فرع حلوان -رغم تحويل الملف للوزارة وإجراء مفاوضات توفيق الأوضاع معها

إذا أردت اتخاذ خطوة أكثر إيجابية يمكنك دعم دار الخدمات النقابية والعمالية بإرسال فاكس يطالب بإعادة فتح الدارلأحد الجهات التالية
وزير التضامن الاجتماعي فاكس
002 (0) 2 7956387
وزير الحكم المحلي فاكس
002 (0) 2 3496795
محافظ قنا فاكس
002 (0) 96 5332640
محافظ الغربية فاكس
002 (0) 40 3333285
مجلس الشعب فاكس
002 (0) 2 7942435
رئاسة مجلس الوزراء فاكس
002 (0) 2 7958048
أو ساعد في نشر الموضوع على نطاق أوسع

6 Comments:

Post a Comment

<< Home