seeking freedom

"There is only one good definition of God: the freedom that allows other freedoms to exist." John Fowles

Saturday, December 03, 2005

من ماليزيا

عرفت د. ليم من المؤتمر. شكله مميز جدا..ملامحه ملامح سكان جنوب شرق آسيا، لكنه طويل القامة بوجه مسحوب وعامل شعره سبايكي. قدم بحث بعنوان "لماذا لست مسلما؟" يتحدث فيه عن رواية للشباب ظهرت في ماليزيا و فازت بجائزة أحسن رواية للشباب. الرواية عن شاب مسيحي يعيش في ماليزيا ينتمي للأقلية اللي من أصل صيني- ناشط مهتم بحقوق الأقليات في ماليزيا. يواجه هذا الشاب اعتراضات من والديه اللي شايفين إن الأغلبية من المالاي المسلمين كرماء جدا في معاملتهم لأنهم سمحوا لهم بالبقاء بينهم. المهم إنه بيسافر الصين و هناك في أحد الأحياء ذات الأغلبية المسلمة يبدأ الجميع في سؤاله لماذا ليس مسلما؟ ويبدأ بالتعرف على الدين الإسلامي-هناك برده- و يسلم و يندم على حياته اللي فاتت. (في النهاية بيرجع بلده وبيتم القبض عليه لنشاطه السابق و لكنه لايعترض و يشعر أنه يستاهل اللي بيجراله- دي النهاية كما أذكرها)ا
ليم شايف إن الرواية بتعمل بروباجندا بشكل فج للإسلام و بشكل يخلو من مراعاة شعور أقليات تمثل نسبة 40% من الشعب الماليزي - حيث الأغلبية مسلمة ومن أصل المالاي. ويرى أنه لا توجد مشكلة إذا كانت الرواية موجهة لجمهور من الكبار فهم قادرون على الحكم بأنفسهم على الرواية، ولكن المشكلة من وجهة نظره أن الرواية موجهة لجمهور من الشباب – في السادسة عشر و السابعة عشر من العمر- يعني بتشكل وعي جيل تاني ومحدش يعرف يحكم هل ممكن رواية زي دي تخلق جيل أكثر تعصبا في المستقبل ضد الأقليات التانية ولا لأ
بعد عرض ورقته البحثية فتح باب المناقشة. أول ملاحظة عادلة من الجميع أننا بنسمع وجهة نظر واحدة عن الموضوع كما لم نقرأ الرواية و بالتالي حكمنا لن يكون منصفا. بعد كده تحول الموضوع لتأييد البعض حق الكاتب في توظيف أدبه في الدعاية للإسلام مادام يؤمن به، وبعدين إيه مشكلة ليم مع الإسلام يعني؟ عشان كده
د.ليم أكد أكتر من مرة أنه لا يتحدث عن الإسلام م كدين أو شريعة، بل عن نص و سياق معين
القضية في رأيي كانت سياسية اجتماعية لا علاقة لها بالإسلام كدين. هو بيتكلم عن قدرة الأدب على تشكيل وعي جيل كامل ومسئولية الروائيين عن كتاباتهم لما تحمل رسالة طائفية ما... بغض النظر عن الدين أو الملة. إنما اللي لفت نظري الحقيقة هو إصرار الكثيرات -كلهم بنات- على مناقشة الأمر من الناحية الدعوية..أي أنه يدعو للإسلام ومن حقه ذلك وأنها بذلك رواية ناجحة مادامت نجحت في توصيل رسالته. حسيت ساعتها بالمد الديني وراء الكلام ولم أستسغ فكرة صبغ كل شئ بالصبغة الدينية وقررت أصب الزيت على النار
كنت لاحظت في كلامه تكراره لجملة إن الإسلام هو الحل لجميع المشاكل- بالإنجليزية - وقررت سؤاله عن مصدر هذا الشعار. شرح لي إن الشعار ده جزء من دعاية حزب إسلامي لنفسه وإنه مش صدفة لفظية أو من بنات أفكاره، وبالتالي فهّمته أنا كمان إن نفس التيار الديني موجود في مصر دلوقتي و بنفس الشعار إنما كتير من المثقفين يجدون الشعار فضفاض لا يمكن تطبيقه في الحياة العملية. هنا طلعت لي واحدة تؤكد إنه "لأ..الإسلام هو الحل"ا
الحقيقة حكمت من ملابسها و طريقتها –مش حكم موضوعي بالضرورة- إنها مش بتعبر عن رأي شخصي و خلاص، هي بتعبر عن فكرة إن "الإسلام هو الحل" كشعار سياسي للإخوان. بالتالي رديت : ده رأيك
ردت بعنف : لأ ...( وكان رأيها إنه الإسلام هو الحل شئنا أم أبينا لأن ربنا خلق لنا عقل و منطق نعقل بهم الأمور و نحكم عليها) . لم أكمل معها النقاش.. لكن فكرت لو قلت لها نفس الجملة "ده رأيك" من غير ما تعرف إني مسلمة كان هيبقى رد فعلها شكله إيه؟ هل حاولت التأثير على رأيي لأني مسلمة زيها و بالتالي لازم و حتما يكون لي نفس رأي التيار الإسلامي في الجامعة و الإخوان خارجها؟......يعني سؤال
تاني يوم شفت د.ليم لوحده فقررت سؤاله عن نتيجة المناقشة التي دارت بالأمس حيث غادرت قبل نهايتها. أكد أنه لا يقصد الإسلام بحديثه وسعادته بقيمة الحوار عموما في مصر، لأن في ماليزيا ليس مسموحا له بالحديث أساسا عن الإسلام- و لو من بعيد- مادام غير مسلما
دار بيننا حوار عن الأوضاع السياسية في مصر وشرحت له الوضع الاقتصادي الصعب في مصر وأننا ننظر للتجربة الماليزية الرائدة في التنمية بقيادة مهاتير بإعجاب. هنا تعجب كثيرا لأن رأيه في مهاتير أنه "لا يؤمن بالديمقراطية أو حقوق الإنسان". هنا رجعنا لموضوع الرواية و أكد إن الوضع في ماليزيا جيد اقتصاديا و إن مافيش اضطهاد أو عنصرية حاليا...إنما هو خايف من المستقبل وتأثير الحساسيات الحالية عليه...كان رأيي إن الخيار الوحيد إنه ينتظر و يشوف لأن الحكم دلوقتي مش ممكن
لفتت نظري قوي تعبيراته لما قلت له على تطلعنا لتجربة ماليزيا في التنمية. سألني عن متوسط دخل خريج كلية آداب قسم إنجليزي في مصر و سألني ببراءة: ألف ولا ألفين؟
رديت بالحقيقة المرة: أولا فيه فرصة عالية جدا إنك ماتلاقيش شغل أساسا بشهادتك..ولو لقيت فمتوسط الدخل خمسمائة جنيه...( مارضيتش أقول له إن ده كمان الكلام الرسمي المعتمد بتاع الريس)ا
طبعا استغرب قلة المبلغ واستحالة إن حد يكون نفسه ويفتح بيت به. المعارضة ساعتها فهم سر الانبهار بالتجربة الماليزية. الكلام جرنا وشرحت له سريعا الوضع الراهن و دور الحزب الوطني و الإخوان و...سأل هل من مصلحة مصر دلوقتي إدخال الدين على الساحة السياسية؟
طبعا سؤاله كان تحصيل حاصل لأن الإخوان المسلمين قوة موجودة بالفعل على الساحة ولازم نتعامل معاها..بعد الشرح ظهرت علامات الأسف في وشه و نبرة صوته وهو بيقول :
But I like it here
شرح إنه في البداية الوضع كان غريب وكارثي، لكن في وقت قليل حب الناس و المكان. فرحت جدا إن لسه فيه روح للمكان بتشد الناس و بيحسوا بها بعد ما تخيلت إنها ماتت خلاص
آخر مشهد ل د. ليم في دماغي مشهد كوميدي. في نهاية المؤتمر نظم القسم حفلة صغيرة في بيت السحيمي تضمنت قراءات شعرية- من مريد البرغوثي و حسن طلب ودينيس بروتس- و فرقة موسيقى شرقية للاحتفال بالضيوف. الضوء القادم من مصابيح بيت السحيمي ضوء هادئ جدا لا يزعج سكون الليل و قراءة الشعر في أوجها والكل مركز و بيسمع..وفجأة:
أنت ياوااااااااااااددد..أيوه
يقطع الجو الرومانسي صوت سيدة تنادي على ابنها من بلكونة أحد البيوت العشوائية المحيطة ببيت السحيمي في الجمالية. الأجانب فيهم اللي استغرب شوية واللي ركز مع الشعر واللي ماخدش في باله. الوحيد- اللي كان قاعد قدامي على الأرض- و فهم المفارقة وضحك في سره مع المصريين عليها كان ليم

7 Comments:

Post a Comment

<< Home