قبل تلات أيام من الحفلة ابتدت الموازين تختل. فجأة و بدون مقدمات اكتشفوا في البيت إن اللي باعمله ده خطر و البيت اتكهرب بصورة غريبة، خاصة مع قراري بعدم التراجع و إصراري إني ماباعملش حاجة غلط...النتيجة قطيعة مؤقتة مع بابا و توتر و ضغط باينين عليا في كل مكان
................
يوم الحفلة كنت موجودة في النقابة من بدري. شفت يحيى و أيوب و عرفت إن طبع السي ديهات ماكملش و عايزين نصور الورق اللي هانوزعه في الحفلة، غير متابعة بروفات فقرات الحفلة،و اللي قام بها يحيى على أكمل وجه
الساعة أربعة أكلم بابا على الموبايل و أصر إنه يحضر. يكلمني أخويا و يقول لي احنا كمان جايين...ماما و إخواتي
من أربعة لتمانية حركة وتوتر و أدرينالين طالع نازل لما ورمنا...إنما النتيجة كانت مدهشة
يحيى يحكي لي عن تدوينة إبليس "قول لأمك يا يحيى"ا
زينب –بنت مصرية- توصل و تحكي لي عن اعتراضات بعض المدونين
الساعة تمانية قلبي واقع في رجليا من قلة الحضور، و بعدين هنعمل إيه؟
عارفة إن فيه كلام كتير اتقال عن الحفلة من معترضين عليها، و مش فاهمة ليه الحقيقة
اللي اعترض على إنها باسم "المدونين المصريين" مش "مدونين مصريين" رغم إن دي كانت صفة اعتبارية للأننا كلنا مدونين و عاملينها في الأصل عشان المدونين –زي ما بنت مصرية وضحت- إنما محدش فينا طلع قال إن الحفلة دي مشارك فيها كل المدونين
واللي اتكلم عن التمويل و تسائل هو محمد عبد القدوس مضى الورق بتاع تأجير القاعة باسم مين، في تلميح إن الحفلة ممولة من كفاية أو حد من رموزها رغم تأكيدنا إن التمويل ذاتي أكتر من مرة. و بعدين الموضوع كان أبسط من كده بكتير و كان فيه حسن نوايا من كل الأطراف، و باحب أطمن السادة المتشككين إن ماكانش فيه ورق أساسا بينا و بين محمد عبد القدوس عشان يتمضي،و كان اتفاق شفوي تضامنا مع المعتقلين و كنشاط لجنة الحريات تتشرف إنها تتبناه. أنا فاكرة كويس بنت مصرية و هي بتسألنا في البداية عن الموضوع ده ا"طيب لو كلمة الشرف –بتاعة محمد عبد القدوس- دي باظت هنعمل إيه؟"ا
و كان الرد "هنعملها في الشارع و يبقى إعلام حقيقي"ا
و اللي اتهم اللي عاملينها بالترويج لأنفسهم...كلام صغير أوي ما يصحش يتقال و لا يترد عليه غير بنجاح الحفلة نفسها وزي ما يحيى قال إن محدش فينا طلع على المسرح ولا اتكلم. بالعكس أنا كم الناس اللي رعبتني من اللي عملناه خلاني منزوية أكتر محتمية بس بفكرة إننا على حق و بنعمل حاجة للفكرة الكبيرة اللي بتجمعنا كمدونين.. الحرية
................
بدأت الحفلة بأجزاء من فيلم الجزيرة...كل لما أدخل القاعة ألاحظ إن الناس واقفة رغم إن فيه أماكن فاضية، أتوتر و أخرج
أشوف واحدة مصرية و أسلم عليها و أسعد فعلا بمعرفتها
أدخل تاني و أحضر الجزء اللي سواق التاكسي بيشتكي فيه لوائل عباس من ضنك الحياة، و بيقوله "لو الراجل ده لسه مش عارف اللي بيحصل لازم يعرف"ا
تصفق الناس بشدة و أشترك معهم بحماس. الجزء ده بالذات من الفيلم باحسه أوي...الراجل ده أكيد من سنتين تلاتة كان هيخاف موت يطلع يقول الكلمتين دول. إنما اللي مش عارفة النظام إنه كفّر الناس بمعنى الكلمة
ينتهي الفيلم بنشيد غريب و يقول لي بعدها أخويا "إيه النشيد ده؟ كان عامل زي أغاني الإخوان المسلمين"ا
أضحك و امّن على كلامه
شوية و الأمور تنتظم مع ظهور فرقة "حالة"، و هما اسم على مسمى، و ألاحظ بسعادة إن الناس دلوقتي واقفين لأن ببساطة مفيش مكان فاضي يقعدوا فيه
طلعوا على المسرح ببيجامات كستور و شعر منكوش و ابتدى العرض المجانيني المفتكس. عرض حالة بالذات حسسني قد إيه الحفلة دي حفلة مدونين...التدوين نفسه فكرة جديدة افتراضية أكبر ما يميزها الإبداع و الأفكار الجديدة و الخروج عن كل مألوف سواء في الاتجاهات أو الاعتقادات
وقفت ورا مع زينب في الضلمة نتفرج و نشجع و نصقف و نضحك و شوية و هنطلع نرقص معاهم. أفتكر أساتذة الجامعة اللي دعوتهم وأميل على زيزي:هو كله مجانيني كده و لا إيه.. عايزين شوية عقل
يحيى يعدي علينا و يلاحظ حالة النشوة و يسأل: همممممم مبسوطين؟
نضحك و نقول : أيوة/ جدا
الناس منفعلة جدا مع "حالة" عاجبهم الشكل و المضمون الجديد...شباب موهوب و بيعبر عن نفسه أخيرا و المفاجأة إن التعبير مبدع جدا و بيعبر عن كل الناس. احنا مش جيل مفصول عن تاريخ بلدنا وواقعه و لا حاجة بالعكس احنا عايزين فرصتنا و بس ...و ده حقنا
أخرج و أتحدث مع فريق العاشرة مساء...يسألون عن مدى تضامن النقابة: فيه بيان هيدعموكم فيه يعني؟
وأجيب : لأ مفيش تضامنهم معنا في تبرعهم بالقاعة و بس لو بتدور على بيان مش هتلاقي
يقلقهم ما يحدث بالداخل و يصدرون القلق و التوتر لي أضعاف مضاعفة..."كده مش نقد بس" ، "كده انتوا اتعديتوا الخطوط الحمرا" ، ا"كلكم هاتتشدوا" ، "انتي ايه جبرك على الكلام ده" و كلام كتير
أتضايق من التعليق الأخير، عارفة دولة الخوف اللي ابتدت تتكون جوانا و عارفة إن الأمن مالوش منطق و إن مادام اشتركت في حدث زي ده لازم أتحمل المسئولية كاملة و أتوقع الاستدعاء و الشد و كل ده، إنما جوايا دايما فصل بين كل الحاجات دي و بين إني مابعملش حاجة غلط و من حقي أقول اللي أنا عايزاه
أرد" الرد الوحيد المنطقي على كل ما يحدث الآن إن الناس تلبس مجانين و تطلع تقول اللي هي عايزاه"ا
أتذكر قلق بابا و أفكر ترى بماذا يفكر الآن؟ و أرفض أي لقاءات تلفزيونية
أدخل القاعة مرة تانية و أنقل لزيزي كلام فريق العاشرة مساء
أراقب في الظلام ردود فعل بابا و أفرح لما يصقف بانفعال
ينتهي عرض "حالة" بأغنية شهيرة في حب مصر "وهأفضل أحبك أحبك أحبك"، بعد كل ده و بعد كل اللي جننونا و كفرّونا هنفضل نحبك برده
يقف الناس و يبدءون في المغادرة. أسلم على د.ليلى سويف و تبلغني إعجابها بالحفل. وأذهب لأعطي السي دي لأحد أساتذة الجامعة الناشطين و أقابل بابا هناك : "همممم إيه رأيك؟"ا
يرد : "هايل جدا طبعا"
أنا بسعادة: "بجد!!!"ا
هذه اللحظة من أهم لحظات الانتصار الشخصي و الارتياح اللي شعرت بها اليوم ده...أشعر بخفة مفاجئة وأتعجب متسائلة عن مصدرها؟
آآآآه افتكرت.. أطنان القلق من الأمن اللي اتصدرت لي من فريق العاشرة تختفي في لحظة...ببساطة يولعوا أتذكر كلام علاء في إحدى رسائله من السجن عن أهمية دعم الأهل أو فهمهم على الأقل و أتذكر مناقشة مماثلة بيني و بين يحيى
.........................
يصعد الأستاذ أحمد سيف والد علاء ليقرأ رسالة من علاء و الشرقاوي و أخرى من كريم الشاعر على المسرح
ثم العزف على الفلوت
و فرقة جميزة
غادة –صاحبة مدونة سامحوني ماكنش قصدي- تمتلك صوت بديع. كذلك نورا مطربة الفرقة و الأداء الشعري للشاب بتاع قصيدة "كراسي تيفال ما بتلزقش" أكتر من هايل...و طبعا عزف و ألحان عمر مصطفى جميل جدا
استمتعنا جدا بفقرة جميزة، إنما ماينفعش أتكلم عن جميزة من غير ما أتكلم عن سوء التفاهم اللي حصل يوم الأربعاء و التسييح ع المدونات
ببساطة كان من البداية مقرر إن عمر يمسك الإعداد الفني للحفلة ككل و احنا علينا الباقي. و في اجتماع أون لاين ماحضروش يحيى لظروف معينة أعلن عمر إنه مش هيقدر يمسك الإعداد الفني كله إنما موجود معانا بفرقته. المشكلة كمان إن كان فيه كلام عن غياب بعض أعضاء الفرقة
النتيجة إن يحيى استلم الإعداد الفني للحفلة و سقط منه بشكل ما إن عمر لسه معانا بفرقته. أما حكاية إلقاء شعر رامي يحيى فمعنديش عنها تفاصيل كافية
وده اللي سبب المشاكل و الدربكة يوم الأربعاء. بعد فقرة عمر هنيته و فرقته على أدائهم المتميز فعلا و اعتذرت له عن اللبس اللي حصل و وضحت له إن ده بسبب قلة الخبرة و إنها التجربة الأولى لنا جميعا – ماعدا عمر طبعا لأنه متمرس
وضايقني جدا إنه في تدوينته عن الحفلة قال
إني ماحبش أشارك ولا أكون جزء من (نشاط منظم) لمدونين على الأرض ولا مقتنع بتعاونهم كمدونين إلا في بيئتهم الطبيعية الافتراضية
أولا :زي ما رد يحيى احنا مش ممثلين لكل المدونين و ماقلناش كده و مانقدرش نقول الكلام ده
ثانيا:قبل ما نبقى مدونين احنا بني آدمين عاديين جدا واتفاقنا إنك تقدم فقرة في الحفلة زي اتفاقك مع أي ناس تانية، كون إن فيه مشاكل حصلت ده فلا لقلة الخبرة التنظيمية مش أكتر. يبقى ليه تقول إن التجربة دي خلتك تقرر ما تشاركش في أي نشاط تاني "للمدونين" بالذات على الأرض . كمان مفيش داعي نوصم التجربة كلها بالفشل و ندي الانطباع ده لباقي الناس اللي محضرتش
ثالثا: نجاح الحفلة ككل بيقول إن تعاون المدونين ممكن يؤدي لنتائج هايلة على الأرض
رابعا: نزول المدونين على الأرض أو عدمه ماكانش الهدف الأول أو الجماعي للحفلة دي بأي شكل من الأشكال. الواقع الأرضي نفسه هم اللي فرض نفسه علينا لما لقينا إن مدونين مننا بيعتقلوا عشان بيدافعوا عن قيم أو آراء بيؤمنوا بها. و محدش يقول لي إنهم اعتقلوا أساسا عشان نزلوا الأرض و مافضلوش مدونين، لأن دي مش إدانة لهم. هما أحرار في مواقفهم الشخصية و نزولهم الأرض من عدمه و احنا كمان في اختيارنا إننا ندعمهم على الفضاء الافتراضي أو الأرض
خامسا: اقتراح مشاركتك الحفلة كان من بنت مصرية في البداية. الملحوظة دي الهدف الوحيد منها إني أقول إن مشاركة عمر كان مرحب بها من أكتر من فرد من المجموعة المنظمة مش قرار فوقي أو رجاء شخصي مني
انتهى
.......................
فرقة "ضي" كانت هايلة بشهادة الجميع. للأسف ما حضرتش العرض كله لأني كنت بره وجوا في الوقت ده بالذات. إنما في النهاية قعدت على كرسي بعيد و ابتديت أسمع
حرم عليا العادلي أخرج في مظاهرة
حرم عليا العادلي أخرج في الصالة
حرم عليا العادلي أخرج من الدولاب
حرم عليا العادلي أطلّع نفسي
والأروع إنها على الموسيقى الأثرية "حرم عليا بابا ماروحش السيما". كمان الإلقاء الشعري الرائع
اطلع ع الشاشة
ومعــــونة ماعون... واللت كتير
اعقد شرعي.......
وبلادنا لو تبقى مراتك .....
ما تجوزشي لولدك من بعدك...
يطلع ع الشاشة ويتمعظم.. يوصف حالي
و تصفيق حااااااااد. شكرا
لأمجد القهوجي على نص القصيدة الأصلي
أجمل ما في الفقرات إنها جديدة و إبداع الشباب ذاتهم من غير إتكال على تراث نجم و إمام أو أي حد تاني. و من أجمل اللي سمعته اليوم ده كان قبل الحفلة بفترة. كنت داخلة النقابة و قابلت د..إيمان يحيى من جامعة قناة السويس على سلم النقابة. سلمت عليه و فكرته بالحفلة و دعوتي له. لقيته فاكرني و قالي كلام مهم و جميل جدا
قالي إن جيلنا هايل بجد و إنهم ماكانوش فاهمننا كويس. و قد إيه هو منبهر إننا واعيين لقضايا الحريات من سننا الصغير ده، القضايا اللي هم اخدوا بالهم منها بعد ما كبروا
قال لي: انتوا جيلكم أنضج من جيلنا بكتير
........................
بعد اليوم ما انتهى في العربية، بابا يسألني: هو فيه تجمع للمدونين المصريين؟ ليه مايبقاش فيه رابطة لهم؟
أرد :لأ...المدونين فيهم كل ألوان الطيف و اختلافهم كبير في حاجات كتير، فيهم الإخوان و المتخلفين و الإسلاميين اللي بيفهموا و اللادينيين و............. ده حتى فيه ناس معترضة على حفلتنا دي و ما ينفعش تجميعهم بالشكل ده
......................
نلتقي بالليل ع الماسينجر و كلنا مبسوطين
أهم حاجة باخرج بها من التجارب دي العلاقات الإنسانية.. من أول "علّي صوتك" لحد الحفلة
علاقتي بزيزي توطدت أكتر...ومن مشروع لمشروع يا أستاذة
يحيى و أيوب و شيماء...الحقيقة مفيش كلام في دماغي- :) وده العادي زي ما بقيتوا عارفين
إنما فيه مشاعر كتير ليكم مزدحمة جوايا
وشعور غريب بفورة وانفجار يعقبه فراغ رهيب بعد الحفلة ما خلصت